الله - صلى الله عليه وسلم - مما غيرت النار ثم صلى ولم يتوضأ، وكان آخر أمريه» رواه البيهقي. فهو مصرِّح بالتأخر. وإذا وجد تعارض بين الأحاديث أُخذ بالمتأخر، وأحاديثُ إِبطال الوضوء متأخرة فيُعمل بها، وتعتبر ناسخة لأحاديث طلب الوضوء.
ولا يقال إن أحاديث الوضوء قول، وأحاديث الترك فعل، لا يقال ذلك لأن حديث السَّويق فعلٌ من الصحابة على مرأى ومسمع من الرسول عليه الصلاة والسلام، بل فعلٌ منهم ومشاركة منه عليه الصلاة والسلام، فهو إقرار منه على فعلهم، إضافة إلى كونه فعلاً منه أيضاً، والإقرار منه يأخذ حكم القول منه، فيكون الموضوع أمراً منه أولاً بالوضوء ثم أمراً منه بالترك، أي يكون حكم الوضوء مما مسته النار منسوخاً.
وبذلك يظهر أن القائلين بعدم الوضوء مما مسته النار هم المصيبون. ولا يبعد أن يكون الاختلاف في الصدر الأول على هذا الحكم ناتجاً عن كون القائلين بالوضوء لم يصلهم النسخ لأنه متأخر، ثم لما وصلهم رجعوا إليه وأجمعوا عليه إلا القليل منهم. هذا هو حكم أكل ما مسته النار، وقد بينا أنه لا ينقض الوضوء.