للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشوكاني في كتابه المسمى [إرشاد الفُحول] (قال الشافعية: إن تأخَّر العام عن وقت العمل بالخاص يُبنى العام على الخاص، لأن ما تناوله الخاص متيقن، وما تناوله العام ظاهر مظنون، والمتيقن أولى) فلو حكَّم الشافعيون قاعدتهم الأصولية لما قالوا بعدم نقض الأكل من لحوم الإبل للوضوء. أجل إن قاعدة الشافعي الأصولية صحيحة، وإعمالها يؤدي إلى القول بأن لحم الجَزور ينقض الوضوء. فالنووي وهو من الفقهاء الشافعيين قال (أما النسخ فضعيف أو باطل، لأن حديث ترك الوضوء مما مست النار عام، وحديث الوضوء من لحم الإبل خاص، والخاص يقدَّم على العام سواء وقع قبله أو بعده) وعقَّب الشوكاني على قوله هذا بقوله (وهو مبنيٌّ على أنه يُبنى العام على الخاص مطلقاً كما ذهب إليه الشافعي وجماعة من أئمة الأصول وهو الحق) وقال الشوكاني في [إرشاد الفُحول] وهو كتابه في علم الأصول (وما احتجَّ به بأن العام المتأخر ناسخ من قولهم دليلان تعارضا وعُلِم التاريخ بينهما، فوجب تسليط المتأخر على السابق كما لو كان المتأخر خاصاً، فيجاب عنه بأن العام المتأخر ضعيف الدلالة فلا ينتهض لترجيحه على قويِّ الدلالة، وأيضاً في البناء جمعٌ وفي العمل بالعام ترجيحٌ، والجمع مقدَّم على الترجيح، وأيضاً في العمل بالعام إهمالٌ للخاص وليس في التخصيص إهمالٌ للعام كما تقدم) ثم إن الإمام الشافعي يقول: إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به. فهذا قول صريح في أنه لا يذهب إلى أن العام ينسخ الخاص، وإلا لما كان لقوله هذا معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>