ورب قائل يقول: إن الآية وصفت لحم الخنزير بأنه رجس، ولم تصف عظمه ولا شعره مثلاً بأنه رجس، وكذلك الحديث، فلماذا لا نعتبر النجاسة في النَّصَّين تنسحب على الخنزير الميت والمطبوخ، وليس على الخنزير الحي؟ فنجيبه بما يلي:
أولاً: ما دام قد ثبت أن لحم الخنزير نجس حتى ولو طبخه أهل الكتاب، فإن ذلك يدل على أن نجاسة لحم الخنزير هي نجاسة أصلية فيه، إذ أن الشرع الحنيف قد أقرَّ ذبحَ أهل الكتاب واعتبر ذبائحهم مُذكَّاة، أي طاهرة، يحل للمسلمين أكلها، فلما ذكَّى أهل الكتاب لحم الخنزير وجاء الشرع يصف هذا المُذكَّى بأنه نجس، فإن ذلك يدل على أن نجاسة هذا الخنزير هي نجاسة أصلية لم تنفع فيها الذكاة أي التطهير، ولهذا نقول إن لحم الخنزير نجس لأنه نجس، وليس لأنه مذبوح أو ميت.
ثانياً: إننا لو قلنا إن لحم الخنزير النجس، يعني الخنزير الميت وليس الخنزير الحي، لكان تفسيرنا في غاية التهافت، إذ أنَّ الآية الكريمة مُصدَّرة بلفظة (ميتة) فلا حاجةَ لذكر الخنزير الميت حينئذ، لأنه يكون داخلاً في لفظة (ميتة) في صدر الآية، فإضافة الخنزير الميت إضافة غير مفيدة، فهذا التفسير لا يليق بنا القول به.