للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا عن الحديث الأول إن كلمة خداج تعني ناقصة غير تامة، بمعنى أن الصلاة ناقصة، وكونها ناقصة لا يعني أنها باطلة، لأن الباطل لا يوصف بالنقص، وقالوا عن الحديثين الثاني والثالث إن كون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن قراءة المأمومين خلفه - والقراءة تشمل الفاتحة وما تيسَّر من القرآن - فإنه يكون قد نهى عن قراءة الفاتحة، والنهي عن قراءة الفاتحة ما كان ليكون لولا أنها غير واجبة، وإذن فإن قراءة الفاتحة في الصلاة غير واجبة. وقالوا عن الحديث الرابع - وهو المشهور عند الفقهاء بأنه حديثُ المسئ صلاته - إنه يدل بشكل واضح على أن الفاتحة لا تجب، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له «ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن» . فأية آية من القرآن تجزئ في الصلاة. وجوابنا على شبهاتهم كالتالي:

أولاً: أ - نحن لا نُسلِّم بأن الباطل لا يوصف بالنقص، فالعَقد مثلاً إن كانت شروطه ناقصة نقصاً معيناً يصبح باطلاً كأنه لم ينعقد، والحج إن نقص الوقوف بعرفة صار باطلاً، والصوم إن نقص النية بطل، فالصلاة إن نقصت الفاتحة بطلت، فيقال لفاعلها نقصت صلاتك كما يقال للحاج نقص حجك وهكذا، وربما لا يكون النقص مؤدياً إلى البطلان، فالنقص كما قد يفيد البطلان فإنه قد يفيد الصحة غير الكاملة، فلا يجوز اعتبار النقص ذا معنى واحد فحسب بل إن له معنيين اثنين، ولا يصار إلى الترجيح إلا بقرينة، فأين القرينة هنا على أن النقص لا يفيد البطلان؟.

ب - لو سلَّمنا بما يدَّعون فإنا نسألهم: كيف يُتمُّون النقص وبماذا يُتمُّونه؟ فإن قالوا نتمُّه بالفاتحة كما هو نص الحديث قلنا إن هذا يُسند رأينا، وإن قالوا نتمُّه بآيات أخرى من القرآن قلنا لا يوجد على ذلك دليل في النص هذا.

ج - ألا ترون إلى تتمة الحديث كيف سأل السامعون أبا هريرة، وبماذا أجابهم؟ ألم يأمرهم بقراءة الفاتحة في نفوسهم؟ ألا يدل ذلك على ضرورة الفاتحة نفسها، وأنه لا يغني عنها سواها؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>