للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُكرِّر القول إن الكلام مع الغير في هاتين الحالتين إنما يكون بكلامٍ من جنس كلام الصلاة المشروع أو المأذون فيه، أي من الكلام المخاطَب به ربُّ العالمين، وليس من الكلام المخاطَب به البشر، فلا يزيد الرجل إن احتاج لمخاطبة الغير على أن يسبِّح، والتسبيح من جنس كلام الصلاة، ولا يزيد الرجل إن احتاج للفتح على الإمام على أن يقرأ الآيات التي سها عنها إمامُه أو أخطأ في تلاوتها دون أيةِ إضافةٍ أخرى من كلام الناس في الحالتين، وما سوى ذلك فالقنوت واجب الالتزام، وهو يعني السكوت والامتناع عن كلام الناس.

والمسكوت عنه هو الكلام، والكلام يعني الألفاظ ذوات الحروف، فما لا حروف فيه فليس بكلام، ومِن ثَمَّ فليس بمحظور، ولا يتنافى مع القنوت، فالبكاء وإن كان بصوت مسموع فإنه ليس كلاماً ومِن ثّمَّ فليس بمحظور، فهذا مُطرِّف بن عبد الله قد روى عن أبيه أنه قال «انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، ولِصدره أَزيزٌ كأزيز المِرْجل من البكاء» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي. وإن علياً رضي الله عنه قال «ما كان فينا فارسٌ يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتُنا وما فينا قائمٌ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح» رواه ابن حِبَّان وأحمد. والأدلة على جواز البكاء في الصلاة كثيرة ومعروفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>