للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول لهؤلاء: إننا نسلِّم بأن الكلام في الصلاة لا يصلح فيها وأنه حرام لا يجوز، ولكننا ونحن نقول بهذا إنما نقف عند دلالات النصوص ولا نتعداها إلى افتراضات أو استنتاجات لا تحتملها هذه النصوص، فمن أين لهم أن كل محرَّم في الصلاة يبطلها؟ ومن أين لهم أنَّ ما لا يَصلح في الصلاة يبطلها؟.

أما أخذُهم بقاعدة أن ما يحرم في الصلاة، أو أن ترك واجبٍ في الصلاة يبطلها فهو أيضاً خطأ، والصحيح هو أنه لا يبطل الصلاة إلا ترك شرط من شروطها، أو ترك ركن من أركانها، وما سوى ذلك لا يبطل الصلاة ولا يفسدها. ولا أُريد الدخول في أبحاث علم الأصول أكثر من ذلك لأن مكانه ليس هنا، وإنما أردُّ عليهم بما رواه معاوية بن الحكم وقد مرَّ قبل قليل «إذ عطس رجلٌ من القوم فقلت: يرحمك الله ... قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس» . فهذا معاوية قد تكلم، فأعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الكلام في الصلاة لا يصلح، وجاء في رواية أبي داود «إن هذه الصلاة لا يحلُّ فيها شئ من كلام الناس هذا» . أي أعلمه بحرمة ما قام به ولم يزد على ذلك، فلم يطالبه بالإعادة، فدل ذلك على أن صلاته لم تبطل بفعل الحرام. ولا يصح تأويل هذا النص بالقول إنه وإن لم يذكر الطلب من معاوية بالإعادة فإن ذلك لا يمنع من أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد طلب منه الإعادة، فنقول لهؤلاء: حتى يثبت قولكم هذا نقول له. فهذا دليل واضح على أن الكلام حرام، وعلى أن الحرام في الصلاة لا يبطلها ولا يفسدها، وهو ردٌّ كافٍ على أحد الاستدلالين.

<<  <  ج: ص:  >  >>