وقد جاء الحديث الثالث فيصلاً في هذه المسألة، فهو لم يذكر حادثة عين واحدة، وإنما نص على ديمومة هذا الفعل بدلالة قول الحديث (إذا خرج) وهو تشريع صريح بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شرع للمسلمين القصر إن هم سافروا ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ. والشك هذا من الراوي شعبة، فمن سافر من المسلمين ثلاثة أميال، أو سافر منهم ثلاثة فراسخ جاز له القصر. وحيث أن الفرسخ ثلاثة أميال، فيكون معنى الحديث أن من سافر ثلاثة أميال أو سافر تسعة أميال، قصر الصلاة. فتصبح عندنا ثلاثة أقوال محتملة في هذه المسألة: ثلاثة أميال، وسبعة أميال، وتسعة أميال، ونحن نأخُذُ بالأكثر منها احتياطاً وهو تسعة أميال وتبلغ حوالي سبعة عشر كيلو متراً. فهذه هي المسافة التي قدرتها الأحاديث النبوية الصحيحة، فوجب الأخذُ بها والالتزامُ بها، وردُّ جميع أقوال الصحابة المتعارضة والمخالفة لهذا التقدير الشرعي.