للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال المقدادُ بن الأسود رضي اللَّه عنه للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنَّا لا نقولُ لك: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}، ولكن نقول: اذهب أنت، وربُّك يعينُك، وإنَّا معكم مقاتلون (١).

* * *

(٢٥) - {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}.

وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي}؛ أي: قال موسى: يا رب، إنِّي لا أملكُ إلَّا نفسي، وأخي أيضًا لا يَملِكُ إلَّا نفسَه، فلا نقدِرُ على تكليف هؤلاء شيئًا، وهو رفعٌ عطفًا على موضع الضمير في {أَمْلِكُ}، كما في قوله تعالى: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} الآية [الأنعام: ١٤٨].

وقيل (٢): {إِلَّا نَفْسِي} وإلَّا أخي، فإنَّه يُطيعُني ولا يُخالِفُني، فأنا مالكٌ أمرَه بظاهرِ الحال وموافقتَهُ (٣) إيَّاي في كلِّ شيءٍ.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: ولمَّا ادَّعى أنَّه يَملِكُ نفسَه، عُرِّفَ عجزَهُ عن ملكِهِ نفسَه، حيث أخذَ برأسِ أخيهِ يجرُّه إليه.

ويقال: {لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي}؛ أي: لا أدَّخرها عن البذلِ في أمرِك، ولا أملِكُ إلَّا أخي، فإنَّه لا يُؤثِرُ بنفسِه عن الذي كلَّفتُهُ مِن قبلك (٤).

وقوله تعالى: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}؛ أي: أخْرِجنا مِن (٥) عدادهم، ولا تُلحِقنا بهم في استحقاقِ العقوبة.


(١) رواه بنحوه البخاري في "صحيحه" (٣٩٥٢) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٢) بعدها في (ر): " {لَا أَمْلِكُ} أي".
(٣) في (أ): "ولموافقته".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤١٧).
(٥) في (أ): "عن".