للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنَّما مَكثوا في التِّيهِ حفظًا لهم على الإسلام والطَّاعة، فإنَّهم كانوا يَرجعون عن الدِّين لولاهم.

وقيل: إنَّ قوله: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً} ما علمَ به بنو إسرائيل، بل علِم به هو، أو (١) هؤلاء الثلاثة معه على الخصوص، ولو علموا بذلك لما تَكلَّفوا المسيرَ كلَّ يومٍ مع علمِهم بالحبسِ.

وقيل: إنَّ تظليلَ الغمامِ وإنزالَ المنِّ والسَّلوى كان في هذا.

وقيل: هذا نعمةٌ، وكان حبْسُهم محنةً، بل ذلك كان حين خرجوا من البحرِ، ودخلوا تلك البَرِّيَّة، وهذه البَرِّيَّةُ غيرُ تلك البَرِّيَّةِ (٢).

وقيل: يَجوزُ أن يكون هذا في هذه البَرِّيَّة، والعقوبةُ في الدُّنيا لا تُنافي النِّعمةَ؛ فإنَّها ليست بدار الجزاءِ على الحقيقة.

وفي تفسير الربيع بن أنس أنَّ حبسَهُم في التِّيهِ كان أربعينَ سنةً، ثمَّ زالَ، فدخلوا تلك الأرض (٣).

والصَّحيحُ أنَّهم ماتوا فيها، وفُتِحَت تلك البلادُ لأولادهم.

* * *

(٢٧) - {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.

وقوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: على أهلِ الكتاب هؤلاء؛ الذين قال أسلافُهم


(١) قوله: "هو أو" ليس في (ف).
(٢) لفظ: "البرية" من (أ).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٣٠٧ - ٣٠٨) مطولًا.