للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلمَّا أدركوا، أمرَ اللَّهُ تعالى آدمَ أنْ يُنكِحَ قابيلَ أختَ هابيل، وأنْ يُنْكِحَ هابيلَ أختَ قابيل، فرضيَ هابيلُ بالذي أُمِر، وسخِطَ قابيل؛ لأنَّ أختَه كانت أحسنَهُما، وقال: ما أمرَ اللَّهُ آدمَ بهذا قطّ، ولا أزوِّجُ هابيلَ أختي، قال آدمُ: فقرِّبا قُربانًا، فمِن أيِّكما تُقُبِّل تزوَّجَها، فقرَّبَ هابيلُ حملًا سمينًا مِن خيرِ غنمِه [و] (١) لبنًا وزُبدًا، وقرَّبَ قابيلُ فسيلًا مِن شرِّ زرعِه، فانطلقَ بهم آدمُ إلى الجبلِ، فأضمرَ قابيلُ في نفسِه: ما أبالي تَقبَّل اللَّهُ منِّي أم لا، لا يَتزوَّج هابيلُ أختي أبدًا، وأضمرَ هابيلُ في نفسِه الرِّضا للَّه، فنزلَت نارٌ مِن السَّماء، فتَقبَّل اللَّهُ تعالى مِن هابيل؛ لأنَّه كان زاكيَ القلب، ولم يَتقبَّل مِن قابيل، فنزلوا من الجبلِ وتَفرَّقوا.

ثمَّ أتى قابيلُ هابيلَ وهو في غنمه، فقال له: {لَأَقْتُلَنَّكَ} (٢)، قال: ولم؟! قال: لأنَّ اللَّهَ تعالى قبلَ قربانَك وردَّ قُرباني، وستَنكِحُ (٣) أختي الحسناء، وأنكِحُ أختَك القبيحةَ، فيَتحدَّثُ النَّاسُ أنَّك خيرٌ منِّي، ويَفخَرُ ولدُكَ على ولدي، قال له هابيل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} أي (٤): ممن كان زاكي القلبِ (٥)، ورُدَّ عليك لأنَّك لست بزاكي القلبِ. وروي أن الكبش كان أبيض (٦) أعين أقرن.

وقال السُّدِّيُّ: كان قابيلُ أكبرَ مِن هابيل، فأرادَ آدمُ الخروجَ إلى مكَّة، فطلبَ


= الثعلب" (٤/ ٤٩).
(١) ما بين حاصرتين من "تفسير الثعلبي" (٤/ ٥٠).
(٢) بعده في (ف): "وهو قوله تعالى: {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} قال قابيلُ لهابيل: لأقتلنَّك".
(٣) في (أ) و (ف): "وتنكح".
(٤) قوله: "من المتقين أي" ليس في (أ)
(٥) قوله: "أي: ممن كان زاكي القلب" ليس في (ر).
(٦) "أبيض": زيادة من (أ) و (ف).