للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى السَّماء أنْ تحفظَ عليه أهلَه وولدَه بأمانةِ اللَّه، فأبت، وطلبَ إلى الأرضِ، فأبَت، وطلبَ إلى الجبالِ، فأبت، فقال قابيل (١): أنا أحفظُهم عليك بأمانة اللَّه، فضَمَّنهُ ذلك، وذلك قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} [الأحزاب: ٧٢]، وانطلق آدمُ إلى مكَّة، فطاف بالبيت، فطلب هابيلُ إلى قابيل أنْ يُزوِّجَهُ أختَه، فقال له قابيل: أنا أكبرُ منك، وأنا وصيُّ أبي، فقال له هابيل: ما أنت خيرًا مني، تعال فلنقرِّب قُربانًا، فأيُّنا تُقبِّلَ قربانُه فهو خيرٌ مِن صاحبه، وكان قابيلُ صاحبَ زرعٍ، وهابيلُ صاحبَ غنمٍ، فأخرج قابيلُ سُنبلًا، وأخرج هابيلُ كبشًا سمينًا، فجاءت نارٌ فأخذت الكبشَ، وتركتِ السُّنبلَ، فحسَده قابيلُ، فقال: {لَأَقْتُلَنَّكَ}، فقال هابيل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (٢).

وقوله تعالى: {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ}؛ أي: تَقرَّبا إلى اللَّه بقربانٍ؛ قابيلُ بالسُّنبلة، وهابيلُ بالكبش، فتُقبِّلَ مِن هابيل، ولم يُتقبَّل مِن قابيل، وقوله تعالى: قربا قربانًا؛ أي: قرَّبَ كلُّ واحدٍ منهما (٣) قربانًا، أو هو مصدرٌ، فصَلَح للاثنين والجمع.

وقوله تعالى: {قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ} أي: قال قابيلُ ذلك؛ أي: كيلا يَقولَ النَّاسُ إذ رأوك ورأوني: هذا مقبولُ القُربان، وهذا مردود القربان (٤).

وقوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}؛ أي: قال ذلك هابيل، قال فضالةُ بنُ


(١) في (أ): "هابيل".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٣٢٢ - ٣٢٣) من رواية السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-
(٣) لفظ: "منهما" من (ف).
(٤) في (أ): "مردوده وقول قابيل"، وفي (ر): "مطرود القربان" بدل: "مردود القربان".