للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بل كان واجبًا ذلك؛ فإنَّ تركَ المعارضةِ إهلاكُ نفسه، ومشاركةُ القاتل (١) في إثمه، لكن معناه: {مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ} مبتدئًا ظالمًا لقصدِك ذلك منِّي، وكان عازمًا على مدافعتِه إذا قصدَ قتلَهُ، لكن أخذَهُ على غفلةٍ وهو نائم، فشدخَ رأسَه، فلم يُمكنهُ دفعُه.

وذكر (٢) الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه في "تأويلاته": أنَّ أبا موسى الأشعريَّ رَوى عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "كسِّروا قِسِيكم، وقَطِّعوا أوتارَكم، والزموا أجوافَ البيوت، وكونوا كخيرِ ابني آدم" (٣).

قال الشيخ: هذا في الذين يَقتتلان مع غير إمامٍ عادلٍ (٤) بحميَّةٍ أو عصبيَّةٍ، فهما على الخطأ، فأمَّا الخوارجُ على إمام الهدى فقتالُهم واجبٌ بالإجماع (٥).

روى أنسٌ وأبو سعيدٍ الخدريُّ رضي اللَّه عنهما: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سيكونُ في أمَّتي اختلافٌ وفرقةٌ، قومٌ (٦) يُحسِنونَ القولَ، ويُسيئون العملَ، يَمرقون مِن الدِّين كما يَمرقُ السَّهمُ مِن الرَّميَّةِ، ولا يَرجعون، هم شرُّ الخليقةِ والخلق، طُوبى لمَن قتلَهم وقتلوه، ويدعون إلى كتابِ اللَّه وليسوا منه في شيءٍ، مَن قتلَهُم كان أولى باللَّه منهم" (٧).


(١) في (ر) و (ف): "للقاتل".
(٢) في (ف): "وقال".
(٣) لم أره في "تأويلات أهل السنة" لأبي منصور الماتريدي، والحديث أخرجه أبو داود (٤٢٥٩)، وابن ماجه (٣٩٦١).
(٤) في (ف): "عدل".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٤٩٩).
(٦) في (ف): "وهم" بدل: "قوم".
(٧) رواه أبو داود في "سننه" (٤٧٦٥).