للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يكن هلال شاهدًا يومئذٍ، فنهدوا (١) إليهم، فقتلوهم، وأخذوا أموالَهم، فبلغَ ذلك إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزل جبريلُ عليه السَّلام بالقضية فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية (٢)

فقال له جبريل: ابعثْ في طلبِ القوم، فمن قدَرْتَ عليه وقد قُتِلَ وأَخَذَ المال، فحَدُّهُ الصَّلب، وإنْ وجدتَه قد قَتَلَ ولم يَأخذِ المالَ فحدُّه القتل، وإنْ وجدتَه قد أخذَ مالًا ولم يَقتُل، فحَدُّهُ القطعُ، تُقطعُ يدُه اليُمنى ورجلُه اليُسرى، ومَن لم يقدِر عليه نُفِيَ مِن الأرض، والنَّفيُ مِن الأرض إذا عجَزوا عن إدراكِه، أن يُنادى عليه: مَن لقيه قتلهُ.

وقال سعيدُ بنُ المسيَّب: نزلَتِ الآية في العُرَنيِّين الذين ارتدُّوا، واستاقوا الإبلَ، وقَتلوا الرِّعاء، والقِصَّةُ مشهورةٌ (٣).

* * *

(٣٤) - {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} فتَسقطُ عنهم هذه الحدودُ.

وقوله تعالى: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٤) يَغفرُ لهم بالتَّوبة فلا يُعذِّبُهم، ويَرحمُهم، فلا يُعاقِبُهم.


(١) يقال: نهد إلى العدو ينهد؛ أي: نهض. انظر: "الصحاح" للجوهري (مادة: نهد).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٥٥).
(٣) لم أقف عليه عن سعيد بن المسيب، ورواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٣٦٢) وغيره عن سعيد بن جبير، وقصة العرنيين رواها أيضًا البخاري (٢٣٣)، (٤١٩٢)، (٥٧٢٧)، ومسلم (١٦٧١) من حديث أنس بن مالك رضي اللَّه عنه.
(٤) بعدها في (أ): "غفور".