للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ لم يعرف تعيينُ اليدِ التي تُقطع فيها، ولا (١) موضعُ القطعِ منها بإطلاقه، فتوقَّفَ على بيان (٢) النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد بيَّنَهُ فعلًا بقطعِ (٣) يمين السَّارقِ من المفصل (٤)، فصارَ ملتحقًا بالنصِّ كالمنطوقِ به، ولذلك قرأ عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه: (فاقطعوا أيمانَهما) (٥)، وهو جمعُ يمين.

وقيل: إنَّما جمعَ الأيدي؛ لأنَّ السَّارقَ اسمُ جنس، وكذلك السَّارقة، وأريد بهما الجمع، فلذلك قال: الأيدي؛ لأنَّها أفرادٌ مضافةٌ إلى الجمع، وقال: {أَيْدِيَهُمَا} على التثنية، ولم يقل: أيديهم؛ لظاهرِ اللَّفظ، وهذا جمعٌ بين اعتبارِ اللَّفظِ واعتبارِ المعنى في كلامٍ واحد، وهو سائغٌ (٦) لغةً، كالجَمعِ بين تذكيرِ المعنى وتأنيث اللَّفظ، قال الشاعر:

أبوك خليفةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرى... وأنتَ خَلِيفةٌ ذاكَ الكمالُ (٧)


(١) في (ف): "ولأن موضع كل واحد منهما" بدل: "ولا".
(٢) في (أ): "إطلاق".
(٣) في (ف): "نبه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعلى ذلك تقطع" بدل: "بينه فعلا بقطع".
(٤) خبر قطع اليد من المفصل رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٧٢٤٨ - ١٧٢٥٠) من حديث عدي وجابر وعبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهم، وقطع اليد اليمنى لا خلاف فيه بين العلماء. انظر: "تفسير القرطبي" (٧/ ٤٦٨)، وجاء في حديث عبد اللَّه بن عمرو أخرجه أحمد (٦٦٥٧)، والطبري في "تفسيره" (٨/ ٤١١)، وفي إسناده ابن لهيعة.
(٥) رواها عنه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٤٠٧ - ٤٠٨)، وذكرها الفراء في "معاني القرآن" (١/ ٣٠٦)، وابن خالويه في "مختصر في شواذ القرآن" (ص: ٣٩).
(٦) في (ف): "شائع".
(٧) البيت في "معاني القرآن" للفراء (١/ ٢٠٨)، وتفسير الطبري (٥/ ٣٦٢)، و"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري (٢/ ١٤٤)، و"تفسير الثعلبي" (٣/ ٥٩) وغيرها دون نسبة.