للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مسروق: سألتُ ابنَ مسعودٍ رضي اللَّه عنه عن السُّحت، أهو الرشوةُ في الحكم؟ قال: لا، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} و {الظَّالِمُونَ} و {لِلْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٤٤، ٤٥، ٤٧]، ولكنَّ السُّحتَ أنْ يَستعينَك على مَظْلَمَةٍ فيُهدي لك، فتَقبلَه، فذلك السُّحتُ (١).

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: إذا دفع مالًا ليدفع الظلم عن نفسه أو ماله فهو معذور، رويَ ذلك عن الحسن وعطاء والشَّعبي (٢).

وقال أبو الشَّعثاء: لم نَجِد في زمنِ زياد شيئًا أنفعَ لنا من الرِّشا (٣).

وأمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بلالًا أن يُعطيَ رجلًا (٤)، وقال له: "اقطعْ عنِّي لسانَه" (٥).

وقوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} قال الكلبيُّ: {فَإِنْ جَاءُوكَ}، يعني: أهل خيبر، {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} بالرَّجمِ، {أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} فلا تقضِ بينهم، أنت في ذلك بالخيار.

قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: ثمَّ نُسِخَ الخيار، ووجبَ الحكمُ بقولِه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] (٦).


(١) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (٧٤١ - تفسير)، والطبري (٨/ ٤٣٠).
(٢) لم أقف على هذا الكلام في "تأويلات أهل السنة" للماتريدي.
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٨٦)، وقول أبي الشعثاء جابر بن زيد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢١٩٩٠).
(٤) بعدها في (ر): "شيئًا".
(٥) رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (٣/ ٤١٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢١١٣٠) عن عكرمة، قال البيهقي: هذا منقطع.
(٦) رواه ابن أبي حاتم (٤/ ١١٣٥) (٦٣٨٨)، والحاكم في "المستدرك" (٣٢١٧).