للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: مَن اتَّخذ غيرَ اللَّهِ حكمًا، ولم يَحمد (١) تحت جريانِ حُكمِهِ سِلمًا، فعن شِرْكٍ خامَرَ قلبَهُ، وكفرٍ قارنَ سِرَّهُ، وهيهات أنْ يكونَ معه سواه (٢).

* * *

(٤٥) - {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}؛ أي: في التوراة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ؛ أي: الواحدةُ تَقتصُّ بالواحدة، وقد خالفتُم ذلك، ففَضَّلتم بني النَّضيرِ على بني قُريظة بالتَّضعيف، ثمَّ أخبرَ أنَّ القِصاصَ فيما دون النَّفس كذلك، وهو قولُه تعالى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}، قرأ الكسائيُّ بالرَّفع، وقد روى أنسٌ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قرأ كذلك إلى آخر الآية (٣)، وهو اختيارُ أبي عبيد (٤).

وقرأ عاصمٌ ونافعٌ وحمزةُ كلَّها بالنَصب عطفًا على {النَّفْسَ}.

وقرأ ابنُ كثير وابنُ عامر وأبو عمرو بالنَّصب إلَّا قولَه: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (٥)؛ لأنَّ الأوائلَ على نهج الأول، وهذا أُفرد بخبرٍ، فاستؤنف به.


(١) في (ف): "يدخل"، وفي "لطائف الإشارات": "يجد".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٢٦).
(٣) يعني: أنه نصب: {النَّفْسَ}، ورفع: {وَالْعَيْنَ} وما بعدها. والخبر رواه أبو داود في "سننه" (٣٩٧٦، ٣٩٧٧)، والترمذي (٢٩٢٩). قال الترمذي: حديث حسن غريب. قال محققو "سنن أبي داود": إسناده ضعيف.
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (٢/ ٢٢)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ٧١).
(٥) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٤٤)، و"التيسير" (ص: ٩٩).