للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ} [الجمعة: ٨].

ووعدهم الجنة بالغيب فقال: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ} [مريم: ٦١].

وقوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}: دلَّت بقيةُ الآية على أن الأعمال ليست من الإيمان؛ فإنه ذَكر الإيمان وعطَف عليه الأعمالَ، والمعطوفُ غيرُ المعطوفِ عليه.

وقوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}: قال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: هذا يَحتمِل وجهين:

يَحتمِلُ الصلاة المعروفة؛ أي: يقيمونها (١) بإتمام ركوعها وسجودها والخشوعِ والخضوع له فيها، وإخلاصِ القلب والنية له (٢)، على ما جاء في الخبر: "انظُرْ مَن تُناجي" (٣).

ويَحتمِلُ الحمدَ للَّه والثناءَ عليه، فإن كان المراد هذا فهو لا يحتمِلُ النسخَ ولا الرفعَ في الدنيا والآخرة (٤).


(١) في (ر): "يحتمل الصلاة ويحتمل المعرفة أي يقيمون بها".
(٢) "له": من (ف)، ولم ترد في "التأويلات"، وفيه: (في النية) بدل: "والنية".
(٣) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٨٠)، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (٣٣٥٠) و (٨٠٣٧)، من حديث البياضي: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج على الناس وهم يصلون وقد عَلَت أصواتُهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه عز رجل، فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". وإسناده صحيح. وله شاهد من حديث ابن عمر بإسناد صحيح رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥٣٤٩).
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٧٤).