وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: نفى في الأوَّل العقلَ، وفي الثَّاني البصر؛ لأنَّه بالبصر يُتوصَّلُ إلى اهتداء الطُّرُقِ والسُّلوك فيها، ألا ترى أنَّ البهائمَ قدْ تُبْصرُ الطُّرُقَ وتَسلكُ فيها، وتتقي بها المهالِكَ، ولا تَعقِل لِمَا ليس لها سماع العقل مع سماعها الصَّوت، فبظاهرِ البصرِ تبصِرُ الأشياء، وبظاهرِ السَّمع بدون العقل لا تعرفُ الأشياء (١).
وقوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ}: أي: اذكر يومَ نحشرُهم إلى الموقف {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ}: وهي مقدارٌ مِن الزَّمان يُقسَم به اليومُ واللَّيلة على أربعةٍ وعشرين منها، ذكَّرَهم القيامة وما فيها من الجزاء ليخافوا ويتهيَّؤوا لها.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٦/ ٤٦)، والعبارة الأخيرة فيه بلفظ: (ولا تعقل لما ليس لها سمع العقل، فلا تعقل لما يسمع القلب بعقل، وبظاهر البصر تبصِر الأشياء).