للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}: أي: الَّذين أنذرَهم نوحٌ صلوات اللَّه عليه.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: كان أنذرَ نوحٌ جميعَ قومِه مَن آمن ومَن لم يؤمن، فيَحتمِل أن يكون معناه: فانظر كيف كان عاقبة مَن أجاب ومَن لم يجب.

ويحتمل أن يكون معناه: عاقبةُ الَّذين لم يقبلوا الإنذار ولم يجيبوا، وكانت بالهلاك والاستئصال (١).

* * *

(٧٤) - {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ}.

وقوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ}: أي: أقوامِهم؛ كصالحٍ إلى ثمودَ، وهودٍ إلى عاد، وغيرهما.

{فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}: أي: بالمعجزات {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}؛ أي: أصرُّوا على التَّكذيب، وكان في علمِ اللَّه تعالى أنَّهم لا يؤمنون، وكذلك أرادَ منهم.

{كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ}؛ أي: نختم على قلوب الظَّالمين؛ أي: المجاوزين الحدَّ؛ أي: مَن علمنا منه اختيارَ الإصرار على الكفر خذلناه، وأوجدنا منه ذلك.

وقيل: أي: فما كان المتأخِّرون ليؤمنوا بما كذَّب به مَن قبلَهم مِن الأممِ كقوم عادٍ وثمود.

وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: فلم يكونوا ليصدِّقوا بالرَّسول والكتاب بما كذَّبوا به في أخذ الميثاق عليه (٢).


(١) المصدر السابق (٦/ ٧١).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٦٥)، والواحدي في "البسيط" (٩/ ٢٥٧)، عند تفسير قوله =