للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يستعينون بنعمتِكَ على معاصيك، وإنَّما أمرتَهم بأن يستعينوا بها على طاعتِك وسلوك سبيلِك.

قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: بلغَنا أنَّ الدَّراهم والدَّنانير صارت حجارةً منقوشة كهيئة الدَّراهم والدَّنانير (١).

وقوله تعالى: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يحتمل هذا وجهَين:

واجعل على قلوبهم قساوةً وغلظةً تنفِّر الأتباع منهم ومَن يقلِّدهم عن اتِّباعهم وتقليدهم، فيكون ذلك أهون علينا في استنقاذ الأتباع، وأَدْعى للأتباع إلى الإيمان.

الثَّاني: اطبعْ على قلوبهم (٢).

{فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}: أي: ليرَوا ذلك، ويحتمِل الغاية؛ أي: إلى أن يروا العذاب الأليم، وكان كذلك فإنَّهم لم يؤمنوا إلى الغرق، وكان ذلك إيمانَ يأسٍ، فلم يُقْبَل.

وقوله تعالى: {فَلَا يُؤْمِنُوا} يحتمِل النَّصبَ جوابًا للأمر بالفاء، ويحتمِل عطفًا على قوله تعالى: {لِيُضِلُّوا}، ويحتمِل الجزمَ بالنَّهي على معنى الدُّعاء، وهو كقول الشَّاعر:

فلا يَنْبَسِطْ مِنْ بينِ عينيكَ ما انْزَوَى... ولا تلْقَني إلَّا وأنفُكَ راغِمُ (٣)


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٤٥).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٧٨).
(٣) البيت للأعشى. انظر: "ديونه" (ص: ١٧٨).