للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهي أسرارُهم، فنفوسُ العابدين بيوتُ الخدمة، وقلوبُ العارفين أوطان المعرفة، وأرواحُ المهيَّمِين مشاهد الحِشمة، وأسرار الموحِّدين منازل الهمَّة (١).

* * *

(٨٨) - {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}.

وقوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: ضاقَ صدرُ موسى مِن معاملةِ فرعون وقومه، فدعا عليهم فقال: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً} في هيآتهم في المحافل، وإذا ركبوا وبرزوا للنَّاس، {وَأَمْوَالًا} مِن ذهب وفضَّة.

وقوله تعالى: {رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ}: أي: يا ربنا أعطيتهم ذلك ليُضِلُّوا النَّاس عن طاعتك (٢).

وقوله تعالى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ}: أي: أهلِكْها وأذهبْ آثارَها؛ لأنَّهم


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١١٢).
(٢) كذا شرح المؤلف هذه الجملة ولم يصنع شيئًا، فهو لم يبين ما في اللام التي في {لِيُضِلُّوا} من الوجوه، ولا توجيه ذلك على كل وجه من الوجوه، وقد استوعب ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٣/ ١٣٩) ذلك فقال: (وقوله: {لِيُضِلُّوا} يحتمل أن تكون لامَ "كي" على بابها على معنى: آتيتهم الأموال إملاء لهم واستدراجًا فكان الإيتاء كي يضلوا، ويحتمل أن تكون لام الصيرورة والعاقبة، كما قال: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: ٨] والمعنى: آتيتهم ذلك فصار أمرهم إلى كذا، وروي عن الحسن أنه قال: هو دعاء. ويحتمل أن يكون المعنى على جهة الاستفهام؛ أي: ربنا ليضلوا فعلتَ ذلك، وفي هذا تقرير الشنعة عليهم).