للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعضُهم بعضًا، ولا يسمعُ بعضُهم كلامَ بعضٍ، فأوحى اللَّه تعالى إلى الجبال من الماء أن تشبَّكي، فظهرَتْ مشبَّكاتٌ حتَّى رأوا وسمعوا ومضوا، فعاد البحر إلى حالِه، فلمَّا انتهى أوَّل جنود فرعون هابَتِ البَحر (١)، ومُثِّلَ لحصان فرعون فرسٌ عليه جبريل، وفرعونُ لا يراه، فوجدَ الحصانُ ريحهَا، فانسلَّ خلفَ فرس جبريل في الماء، فقال فرعون: هابني البحرُ، فلمَّا دخل آخرُ جنود فرعون البحر وخرج آخرُ بني إسرائيل انطبقَ عليهم (٢).

فلمَّا ألجمَه الغرقُ، وذلك قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ}: {الْغَرَقُ} بفتح الرَّاء: القُرْبُ مِن الهلاكِ بغَمرةِ الماء، والغَرْقُ بتسكينها: الهلاكُ فيها.

وقوله تعالى: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ: {إنَّه} بالكسر على الابتداء، فقوله: {آمَنْتُ} كلامٌ، وقولُه: {إِنَّهُ} ابتداءُ كلامٍ آخر، وهو كالبدل عن الأوَّل، وقرأ الباقون بفتحها (٣) لوقوع {آمَنْتُ} عليها.

وقوله تعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}؛ أي: المؤمنين، وقيل: أي: المخلصين، وقيل: أي: المنقادين.

* * *

(٩١) - {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.

وقوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}: أي: قال جبريل: {آلْآنَ} استفهام بمعنى التَّوبيخ، وأضمر فيه: آلَان آمنْتَ؛ أي: عندَ الغرق، وهي


(١) "البحر" من (ف).
(٢) ذكر نحوه الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٢٥٥).
(٣) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٣٠)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٣).