للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالمتلوُّ: هو هذه السُّورُ والآيات، وغيرُ المتلوِّ: ما بيَّن النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من أعداد الركعات ونُصُبِ الزَّكَوات وحدودِ الجنايات، قال اللَّه تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤]، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألَا إنِّي أُوتيتُ القرآنَ ومِثْلَه" (١).

ثم هذا الإنزالُ هو من اللَّه تعالى، وإنما ذُكر هاهنا على ما لم يسمَّ فاعله لِمَا مرَّ أن خِطاب الملوك يقع على أربعة أوجهٍ، وقد ذُكرت هذه الوجوهُ كلُّها في هذه الكلمة:

قال في صيغةِ الواحد: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ} [البقرة: ٤١].

وقال في صيغة الجمع: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ} [النساء: ١٠٥].

وقال في ذكر الاسم: {آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [البقرة: ٩١].

وقال في ما لم يسمَّ فاعلُه: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}.

ثم: هاهنا قال: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}، وقال في آيةٍ أخرى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ٣]، فأضاف إلى جميع (٢) الأمة؛ لأن المنزَل على الرسول تلزمُ أحكامُه جميعَهم، فكان خطابُه خطابَهم، وهو أيضًا تشريفٌ لهم وجمعٌ في الكرامة بينه وبينهم.

وقوله تعالى: {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}: أي: ويؤمنون بما أنزل من الكتبِ قبْلَكَ على سائر الأنبياء.

ثم الإيمانُ بكلِّ الكتب مع تَنافي أحكامِها من وجهين:


(١) رواه أبو داود (٤٦٠٤) من حديث المقدام بن معدي كرب. وقوله: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله": ليس في (أ)، وقوله: "ومثله" ليس في (ف).
(٢) في (ر): "جمع".