للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آتٍ فلا يستعدُّ له، ومَن أيقن أن القبر منزلُه فلا يَعمره، ومَن أيقن أن الديَّان يُحاسبه (١) فلا يصحِّح حجَّته، ومَن أيقن أن الصِّراط ممرُّه فلا يخفِّف ثِقْله، ومَن أيقن أن النار دارُ الفجَّار فلا يَهرب منها، ومَن أيقن أن الجنة دارُ الأبرار فلا يعمل لها.

وقيل: غايةُ اليقين أربعةٌ: تركُكَ (٢) الدنيا قبل ارتحالكَ عنها، وطلبُك الآخرة (٣) قبل قدومِكَ عليها (٤)، واستعدادُك للموت قبل نزوله بك، وإرضاؤك للربِّ (٥) قبل لقائك إياه.

ثم ذكَر في هذه الآية من المؤمنين الإيقانَ بالآخرة فقال: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}، وذكر منهم الظنَّ في آيةٍ فقال: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٦]، وهو لطفٌ من اللَّه تعالى بإثباتِ صفاتٍ لهم تختلف ظواهرُها وتتَّفقُ معانيها.

ووصفَهم بالجهل في قوله تعالى: {عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النحل: ١١٩]، وبالعلم في قوله تعالى: {وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: ١٨]، وبالفقر في قوله تعالى: {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: ١٥]، وبالغنى في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: ٤٨]، وبالضعف في قوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨]، وبالقوة في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}. وبالذِّلة في قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٤]، وبالعزَّة في قوله تعالى: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٥٤]، وبالنسيان في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ} [الانفطار: ٦]، وبالذكر في


(١) في (أ): "محاسبه".
(٢) في (ر) و (ف): "ترك".
(٣) في (ف): "للآخرة".
(٤) في (أ): "إليها".
(٥) في (أ): "الرب".