للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى في حقِّنا: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ٧]، ثم أثنى علينا فقال: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: ٧].

وقال حبيبٌ العجَميُّ (١): إلهي أنت تَمنحُ وأنت تَمدحُ.

ثم مجموعُ الآية أنه قال: {لِلْمُتَّقِينَ} مهو وهو مدحٌ بترك كلِّ المخالفات، ثم قال: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} وهو ثناءٌ برأس الطاعات، ثم قال: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} وهو مدحٌ بجامعة العبادات، ثم قال: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} وهو مدحٌ بما هو أساسُ السخاوات، ثم قال: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} وهو التصديقُ بكلِّ الرسالات، ثم قال: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} وهو الإقرارُ والاعتقادُ بالبعث والجزاءِ على كلِّ المعاملات، ثم قال: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} وهو شهادةٌ لهؤلاء الموصوفين بالهداية في كلِّ الحالات، وحُقَّ لمن جمَع هذه الصفاتِ أنْ يؤهَّل لهذه الصِّلات.

ثم في هذه الآية ذَكر الهدى للموصوفين بكلِّ هذه الصفات، وفي قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآيةَ إلى (٢): {فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: ١٣٧] ذَكر لهم الهدايةَ بالإقرار والاعتقادِ بدونِ سائر الطاعات، بيانًا لشرف الإيمان وجلالِ قَدْره وعلوِّ أمره، وأنه (٣) إذا قَوِيَ لم يُبطله نفسُ المخالفات، بل هو الذي يَغلِبُ فتَرُدُّ إلى التوبة بعد التَّمادي في البطالات، وكما هَدَى اليومَ إلى الإيمان يَهدي غدًا إلى الجنان، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}


(١) هو حبيب بن محمد، أبو محمد العجمي البصري، أحد الزهاد المشهورين الموصوفين بالزهد والورع والكرامات واستجابة الدعاء، رَوَى عَن بكر بن عَبد اللَّه المزني، والحسن البَصْرِيّ، وشهر بن حوشب، والفرزدق الشاعر، ومحمد بن سيرين. من رجال "التهذيب".
(٢) في (ف): "إلى قوله تعالى {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} " بدل: "الآية إلى".
(٣) في (ف): "فإنه".