للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هو الذي يُسخر منه، والهُزَأة (١) بفتحها: هو الذي يَسخر من الناس، والاستهزاء كالهُزْء، بمنزلة الاستسخار، وهو كالسُّخرية.

وانتظامُه بما قبلَه: أنهم لمَّا قالوا لشياطينهم: {إِنَّا مَعَكُم}، قالوا: فما لكم تشهدون مشاهدَهم، وتدخلون مساجدَهم، وتحُجُّون وتَغْزون معهم؟ قالوا: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.

قيل: معناه: ساخرون بمحمدٍ وأصحابه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقيل: أي: مُكذِّبون بما يدعو إليه.

وقيل: أي: نُريهم أنَّا نوافقهم على دينهم ظاهرًا وباطنًا، وإنما نكون معهم ظاهرًا لنشاركهم في غنائمهم، وننكحَ بناتِهم، ونطَّلع على أسرارهم (٢)، ونحفظَ أموالنا وأولادَنا ونساءَنا من أيديهم.

* * *

(١٥) - {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.

وقوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}: له ثمانيةُ أوجهٍ:

أحدُها: أنَّه عاملَهم في الدنيا على وَفْق معاملتهم، فإنَّهم أظهروا الإيمان وفي باطنهم النفاق، واللَّه تعالى أظهرَ لهم في الحال الأمانَ، وعاقبتُهم الإحراقُ بالنيران.

والثاني: أن معناه: يجازيهم في الآخرة جزاءَ استهزائهم، والعربُ تُسمِّي الجزاءَ باسم الابتداء، قال عمرو بن كلثوم:


(١) في (ر): "والهزَء".
(٢) في (ف): "سرائرهم".