للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معنى الاختيار والاستبدال، فكلُّ مُشتَرٍ مختارٌ، وكلُّ مشترٍ مُستبدِلٌ، وكذلك (١) هؤلاء اختاروا الكفرَ على الهدى واستبدَلوه به.

وقد أشار إلى هذَين المعنيين في آيتين، فقال تعالى: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: ١٧]، وقال: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ} [البقرة: ١٠٨].

وقوله تعالى: {الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} قيل: الكفرَ بالإيمان، وقيل: الشَّكَّ بالإيقان، وقيل: الجهلَ بالعلم، وقيل: الفُرقةَ بالجماعة، وقيل: النِّفاقَ بالإخلاص، وقيل: الدنيا بالآخرة، وقيل: النارَ بالجنة، ومعناه: أنَّ اختيارَ الدنيا ضلالٌ، والعملَ بما يُوجب النارَ ضلالٌ، واختيارَ الآخرة هدًى، والعملَ بما ينال به الجنةَ هدًى.

ثم (٢) هذا دليلٌ على أنَّ حكمَ البيع يَثبتُ بالتعاطي من غير تكلُّمٍ بالإيجاب والقَبول، فإنَّ هؤلاء سُمُّوا مُشترِين بترك الهدى وأخذِ الضلال من غير تكلُّمٍ بهذه المبادَلة، أشار إليه الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه (٣).

وقوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ}: فالرِّبْح والرَّبَح: الفضل، ونظيرُهما المِثْل والمَثَل، والرَّباحُ كذلك، قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "السَّمَاحُ رَباحٌ" (٤).


(١) في (أ): "فكذا"، وفي (ف): "وكذا".
(٢) في (ف): "و".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ٣٨٨).
(٤) رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (٢٣) من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما، وفيه عبد اللَّه بن إبراهيم الغفاري، قال ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص: ٢٩٥): متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع. ورواه الديلمي في "مسنده" من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه به مرفوعًا كما في "المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص: ٣٩١)، وفيه الحجاج بن فرافصة، قال عنه أبو زرعة الرازي في "الضعفاء" (٣/ ٨٠١): ليس بالقوي. وقال ابن حجر في "تقريب التهذيب": صدوق عابد يَهِم.