للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٦١) - {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}.

وقوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ}: ترجمة عن قوله: {يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} وهي في محلِّ النصب، وإنما ترجَم عن الجنة بالجنات لأنها جنسٌ وهي بمعنى الجمع؛ أي: هي جنةٌ واحدة مشتمِلة على الجنات.

{الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ}: أي: العبادَ التائبين المؤمنين العاملين الصالحاتِ، فقد سبق ذكر هذه الصفات، ولأنه أضافهم إليه وهو اختصاصٌ، وأهلُ الاختصاص هؤلاء.

{بِالْغَيْبِ}: بالوحي إلى نبيِّه وتلك الجنةُ غائبة عنهم فصدَّقوه، وهو ثناء عليهم بالتصديق.

{إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}: أي: موعودُه {مَأْتِيًّا}؛ أي: يأتيه الموعودُ له ويبلغه.

ومَن جعله بمعنى الآتي فهو خلافُ الوضع، وما قلناه أحسن؛ لأنَّه مراعاةُ الوضع، وما أتاك فقد أتيتَه.

* * *

(٦٢) - {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}.

وقوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا}: أي: في الجنة {لَغْوًا}؛ أي: هدرًا من الكلام وما حقُّه أن يُلغَى؛ أي: يُبطل ويُطرح (١) ولا يُصغى إليه، وقد ذكر اللَّه تعالى كلامهم في آيات؛ فقال: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} الآيتين [يونس: ١٠]، وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: ٣٤]، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} الآية [الأعراف: ٤٣]، {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} الآية [الطور: ٢٦]، وكلام الملائكة لهم: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} الآية.


(١) في (ف): "وينطرح".