للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَرِدَنَّها ولتَرِدَنَّها (١)، وإني لأرجو أن أكون من الذين قال اللَّه تعالى فيهم: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} وتكونَ أنت من الذين قال اللَّه تعالى: {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} ويحك (٢) يا ابن الأزرق! أمَا تقرأُ كتاب اللَّه تعالى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: ٩٧ - ٩٨] أفتراه (٣) -ويحك- إنما أقامهم على شفيرها واللَّه تعالى يقول: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦]؟ قال: فسكت نافع (٤).

وعن بكر بن عبد اللَّه المزني قال: لمَّا نزلت هذه الآية ذهب ابن رواحة إلى بيته فبكى، فجاءت المرأة فبكت، فجاءت الخادم فبكت، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون، فلما انقطعت عبرتُه قال: يا أهل البيت! ما يُبكيكم؟ قالوا: لا ندري، ولكنَّا رأيناك تبكي فبَكَينا لبكائك، فقال: آيةٌ أنزلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُنبئني ربِّي فيها أنِّي واردُ النار، ولم يُنْبئني أني أصدُر (٥) عنها، فذلك الذي أبكاني (٦).

وقال الحسن: قال رجل لأخيه: أي أخي! هل أتاك أنك واردُ النار؟ قال: نعم، قال: فهل أتاك أنك خارجٌ منها؟ قال: لا، قال: ففيم الضحكُ إذن؟ قال: فما رُؤي ضاحكًا حتى مات (٧).


(١) في (ف): "واللَّه لأردنها"، وفي (ر): "واللَّه لأرد بابها".
(٢) في (ف): "ويلك".
(٣) في (ر): "اقرأ"، وفي (ف): "أو يقول".
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٧٨٠)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ٥٩١ و ٥٩٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ٢٠٨٥) واللفظ له.
(٥) في (ر): "صادر".
(٦) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٣٠٩).
(٧) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٣١١)، وبنحوه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥١٩٦).