للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٩٤) - {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا}.

وقوله تعالى: {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا}: أي: قَدَر عليهم وعلِم مبلغَ عددهم.

* * *

(٩٥) - {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}.

{وَكُلُّهُمْ}: أي: كلُّ واحد منهم، ولذلك وحد قوله: {آتِيهِ}، فأما قوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: ٨٧] فمعناه: جميعهم، فلذلك جمع الخبر.

{آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}: أي: مفردًا (١) عن الأنصار والأموال، فلا يحجزه عما يستحقُّه من عذاب اللَّه تعالى (٢) حاجزٌ، ولا ينفعه إلا ما قدَّمه من عملٍ صالح.

وروى ابن المبارك رحمه اللَّه عن عوف عن غالب بن عجردٍ قال: حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منًى قال: إن اللَّه تعالى لمَّا خلق الأرضَ وخلق ما فيها من الشجر، لم يكن في الأرض شجرةٌ يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعةً -أو كان (٣) لهم فيها منفعةٌ-، فلم تزَل الأرض والشجر كذلك حتى تكلَّم فجَرةُ بني آدم تلك الكلمةَ العظيمة قولَهم: اتخذ اللَّه ولدًا، فلما قالوها اقشعرَّت الأرضُ وشاكَ الشجر (٤).

وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه قال: إن الجبل يقول للجبل: يا فلانٌ! هل مرَّ بك اليوم ذاكرٌ للَّه تعالى؟ فإن قال: نعم، سُرَّ به، ثم قرأ عبد اللَّه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا} حتى إذا بلغ {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} قال: فتراهن يسمعن الزُّور ولا يسمعن الخير (٥)؟


(١) في (أ): "متفردًا".
(٢) في (ف): "من العذاب".
(٣) في (ر) و (ف): "وبان".
(٤) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٣٣٧).
(٥) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٣٣٣)، والطبراني في "الكبير" (٨٥٤٢)، والبيهقي في "الشعب" (٦٩١).