للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}: أي: حوائجُ سوى ما ذكرتُ، وواحدة المآرب: مأربة، بفتح الراء وضمِّها وكسرها لغاتٌ، وكذا الإرْب، والإرْبة: الحاجة.

قال وهب: كانت له فيها ألفُ منفعةٍ: يضعها على عاتقه فيعلِّق بها رحلَه، ويَرْكُزها في البر ويجعل عليها كساءه فيستظلُّ بها، ويصل بها الرشاء للاستقاء (١)، ويدفع بها العدوَّ، ويطرد بها الذئب، ويقتل بها الحية، وكذا وكذا.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: من المآرب أنها كانت تماشيه وتحادثُه وتُؤْنِسه، وكانت شعبتاها تصيران بالليل المظلم كالشمعتين المضيئتين، وكانت تحارب عدوَّه إذا ظهر، وإذا أراد الاستقاء من البئر أدلاها وطالت على طول البئر وصارت شعبتاها كالدلو، وإذا اشتهى ثمرةً أركزها في الأرض فتغصَّنت وأورقت وأثمرت، وكذا كذا (٢).

فإن كان هذا بعد الوحي كانت معجزةً له، وإن كان قبل الوحي كانت كرامةً له.

وقيل: إنما زاد على الجواب رجاءَ أن يقول له: وما تلك المآرب؟ فينال زيادةَ أنسٍ وكرامة.

* * *

(١٩ - ٢٠) - {قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}.


(١) في (ف): "للاستسقاء". والرشاء: الحبل، وأرشى الدلو: جعل لها رشاء. انظر: "القاموس" (مادة: رشو).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٢٤٢)، والبغوي في "تفسيره" (٥/ ٢٦٩). وقال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: والظاهر أنها لم تكن كذلك، ولو كانت كذلك لما استنكر موسى عليه السلام صيرورتها ثعبانًا، فما كان يفر منها هاربًا. ولكن كل ذلك من الأخبار الإسرائيلية.