للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلا أن روح الحياة تجري فيه، وأراد أن يخطوَ فأرعشت قدماه، ثم أراد أن يدنو للمشي فلم يستطع، وأرسل اللَّه ملَكًا فشد (١) له ظهره وعضُديه، فزحف نحو الشجرة وهو خائف مكروب، فقال اللَّه تعالى له: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧) قَالَ هِيَ عَصَايَ} قال: وما تصنع بها؟ قال: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}.

وفي التوراة بهذه الزيادة والمآرب ما عدَّدناها في تفسير الآية.

قال: ألقها، فظن موسى أنه يقول له: ارفضها ولا تخف، فتنغَّض بها (٢) فألقاها على وجه الرفض خلفه، ثم سمع حسًّا فالتفت فإذا هو بها قد خلقها اللَّه تعالى حيةً، وهي أعظم ثعبان نظر إليها الناس، أسودُ في مثل بدن البُختيِّ العظيم بل أهولُ منه، تدبُّ على أربع قوائم غلاظٍ شدادٍ قد صارت شعبتاها فمًا سعتُه اثنا عشر ذراعًا فيه أضراس وأنياب له صريف، وقد خُلق (٣) المحجن له عرفًا، ولها عينان تلمعان كالبرق، تلفح منها ريح السَّموم، لا تُصيب شيئًا إلا أحرقته، فتمر بالصخرة العظيمة فتبتلعها، وللصخور في جوفها قعقعةٌ، وتمر بالشجرة العظيمة فتجتثُّها بنابها وتقضمها، وجعلت تسعى كأنها تطلب شيئًا تريد أن تأخذه، فذهب موسى على وجهه مُدْبرًا ولم يعقِّب ولا يلوي على شيء، فعارضه ملَك فقال: أما (٤) تستحي من ربك؟ يكلِّمك وتهرب منه، قال: إنما أهرب من الموت، قال: وهل يملك أحدٌ موتًا أو حياة دون اللَّه تعالى؟ قال: لا، ورجع والحيةُ على حالها.


(١) في (أ): "يشد".
(٢) في (أ): "ارفضها ولا تتقص بها".
(٣) في (أ): "حلق".
(٤) في (ر): "ألا".