للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأذهب زئيرها، وكان لها ساسةٌ يَسوسونها، فلما رأوا ذلك سُقِط في أيديهم ولم يشعروا من حيث أتوا، فانطلقا في تلك المسبعة حتى وصلا إلى باب المدينة الأعظم الذي هو أقربها إلى دار فرعون، فلما انتهيا إلى الباب وجدا حرَّاسه مشتغلين بشأن الأُسد، وذلك ليلة الاثنين الثالث من ذي الحجة، فأقاما عند الباب بقية العشر لا يمكنهما الدخول لمنع الحراس، وهم في كرب شديد بحالِ الأسد، وهما مقيمان وبهما جراءة وتهاون بهم، فكلمهما واحد منهم منتهرًا وقال: ما هذه الجرأة؟! أما تدريان ببابِ مَن أنتما؟! فقال موسى: أعلم ذلك، ولو شئتَ أخبرناك مَن ربُّه، قال: مَن هو؟ قال موسى: إن هذا الباب وما دونه وما خلفه وأنا وأنت وفرعون وجميع أهل الأرض وأهل السماء عبيدٌ لرب العالمين صاغرين داخرين، وفرعون أصغر الصاغرين، ومَلَكةُ رب العالمين، فهاله ذلك، فذكر للآخرين فقالوا: هذا أعظم (١) من مُصيبتا في الأُسد، وما نظن ذلك إلا من جهتهما وسحرِهما، فرفعوا ذلك إلى مَن هو أكبرُ منهم وأقربُ إلى فرعون، وأَخبر بعضهم بعضًا حتى انتهى الخبر إلى فرعون، فدعا بهما فدخلا عليه، ثم القصةُ على ما مر في سورة الأعراف (٢).

* * *

(٤٢) - {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}.

وقوله تعالى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ}: أي: هارون {بِآيَاتِي}؛ أي: بحجَجي وأدلَّتي؛ أي: معها.


(١) في (أ): "أعجب".
(٢) رواه بنحوه الإمام أحمد في "الزهد" (٣٤٢)، ومن طريقه ابن الجوزي في "التبصرة" (١/ ٢٢٢). وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٥٥٤) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتِم.