للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جعله وزيرًا له ورسولًا إلى فرعون وقومه، وإذا كان يومُ السبت لغُرةِ (١) ذي الحجة قبل طلوع الشمس، فأبكِرْ (٢) إلى شط النيل، فإنها الساعة التي تلتقي (٣) أنت وأخوك فيها.

فأقبل موسى في ذلك الوقت، وخرج هارون من عسكر بني إسرائيل، حتى التقيا على شط النيل، وذلك في يوم وِرْد الأُسْد للنيل (٤)، وكان لفرعون لعنه اللَّه أُسْد يحرسونه في غيضةٍ محيطة بالمدينة من حولها، وكانت تَرِدُ الماء غبًّا، فصادف موسى عليه السلام هارونَ يوم وِرْدها.

وكان فرعون في مدينةٍ حصينة عليها سبعون سورًا، بين كلِّ سورين رساتِقُ وأنهارٌ ومزارعُ واسعة، في ربَض كلِّ سور سبعون ألفَ مقاتل، ومن دون المدينة غيضة ملتفَّة غرسها فرعون وسقاها بالنيل ثم أسكنها الأُسد فتناسلت وكثرت، ثم جعلها جنودًا من جنوده يحرسونه، وجعل خلال الغيضة طرقًا، كلُّ طريق يفضي بمَن يسلكه (٥) إلى باب من أبواب المدينة معلومةٍ ليس لتلك الأبواب طرقٌ غيرُها، فمَن أخطأها وقع في الغيضة فأهلكته الأُسد، وكانت إذا وردت النيل ظلَّت عليه يومها ثم تَصْدُر ليلًا.

فالتقى موسى وهارون يوم وِردها، فمدَّت إليهما أعناقها ورؤوسَها، وأَشخصت أبصارها صغارِها وكبارها، وذعرت منهما ذعرًا شديدًا، فانهزمت نحو الغيضة يتلو بعضُها بعضًا وهي تَصْغو صغاء الثعالب، وتَعْوي عوي الكلاب، ونزع اللَّه هيبتها


(١) أي: لأول، وفي (ر): "لعشر".
(٢) في (ف): "باكر".
(٣) في (ف): "تلتقيان".
(٤) في (ر) و (ف): "النيل".
(٥) في (ر) (ف): "كل طريق يمر بعض من يسلكه".