للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لا تدَّخروا لغدٍ، إلا ما نزل يومَ الجمعة فإنه كان يُدَّخر منه لغدٍ، فإنه ما كان (١) ينزل ذلك يوم السبت.

وروي أنهم وجدوا ذلك يومًا أسمن وأحلى من كلِّ يوم، فادخروا لغدٍ ففسَد كلُّه، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لولا بنو إسرائيل ما دوَّد طعامٌ ولا خَنَز لحمٌ" (٢) يعني به هذا.

وقيل: لا تحرِّموا طيبات ما أحلَلْتُ لكم فإنه طغيانٌ كاستحلالِ الحرام.

وقيل: الطغيان كفران هذه النعمة.

وقوله تعالى: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي}: قرأ الكسائي بضم الحاء، {وَمَنْ يَحْلِلْ} بضم اللام؛ أي: ينزل، وقرأ الباقون بالكسر (٣)؛ أي: يجب، وهو وعيدٌ على الطغيان.

قوله تعالى: {عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}: أي: هلك.

وقيل: أي: سقط في النار، والأول من الثاني، فإن أصله السقوطُ من عُلوٍ إلى أسفلَ من غير شيء يمسكه في مَهْواه ولا يتخلص منها، وهو كقوله: {إِذَا تَرَدَّى} [الليل: ١١] في المعنيين.

* * *

(٨٢) - {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}.

وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ}: أي: كثيرُ المغفرة؛ أي (٤): أُتْبع الوعيدَ الوعدَ، وعلى ذلك أكثرُ آيات القرآن؛ ليكون العبدُ بين الخوف والرجاء.


(١) في (ف): "فإنه كان لا".
(٢) رواه مسلم (١٤٧٠) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه بلفظ: "لولا بنو إسرائيلَ لم يَخْبُثِ الطعامُ ولم يَخْنَزِ اللحمُ، ولولا حوَّاءُ لم تَخُنْ أُنثى زوجَها الدَّهرَ". قوله: (يخنز) بفتح النون وكسرها: تغير وأنتن.
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٤٢٢)، و"التيسير" (ص: ١٥٢).
(٤) قوله: "أي: كثير المغفرة أي" ليس في (أ).