للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وللدخولِ بين مذكورَينِ ومُلحقٌ (١) بهما مذكوران بينهما كلمة (أو) أيضًا: والمراد تعيينُ أحدهما لأحدهما وتعيينُ الآخَرِ للآخَر، قال تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٢٤]؛ أي: إنَّا لعَلَى هدًى وإنكم لفي ضلالٍ مبين.

وللذِّكر بين أمرين، وتوهَّم أنه مخيّر بينهما ويباحُ له كلاهما: والمراد به أنه لو فعلهما لم ينفعاه، ولو فعل أحدهما لم ينفعه، قال تعالى: {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا}.

ولاحتمالِ وجهين أو وجوهٍ مما يُستعمل فيه: كما في هذه الآية: {أَوْ كَصَيِّبٍ} يحتمِل أن يكون للتخيير؛ أي: إن شئتُم فاجعلوا مَثَل المنافقين كمَثَل المستوقِد نارًا، وإن شئتُم فاجعلوا مَثَلَهم كمَثَل أصحابِ صَيِّبٍ، ويجوز أن يكون بمعنى الواو؛ أي: وكصيبٍ، ويجوز أن يكون بمعنى: بل، ويجوز أن يكون للتفصيل، فالتشبيه الأول لشيءٍ (٢) والثاني لشيءٍ آخر على ما نبيِّن إن شاء اللَّه تعالى.

وقوله: {كَصَيِّبٍ} الكافُ للتشبيه، وهو أحدُ أقسام البلاغة، وهو أبلغُ في المعنى، وأوقعُ في القلب، وأعذبُ في الأسماع (٣)، وأوصلُ إلى المراد.

وهو في القرآن كثيرٌ: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبرا هيم: ٢٤]، {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: ٢٦]، {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} [النور: ٣٩]، {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ} [إبراهيم: ١٨]، {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} [البقرة: ٢٦٤]، {كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف: ١٧٦]، {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ} [الأعراف: ١٧٩] {فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الشورى: ٣٢]، {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: ٧]، {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: ٣٥]، {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} [النور: ٣٥]، {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}


(١) في (أ) و (ف): "ويلحق".
(٢) في (ر) و (ف): "بشيء".
(٣) في (أ): "السماع".