للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} عنى به نفسه، وأضاف نفسه إليهم لاشتراكهم في الحضور {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} وهذا كلام آخر.

وإنما أتى بهذا التعريض تمهيدًا لأمرٍ يُلزِمُهم به الحجةَ، وكذلك قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} كان من المعاريض، هم فهموا به قيام السقم فتركوه، وهو أراد به أنه سيَسقم في المستقبل، فتخلَّص عنهم ومهَّد ذلك للكيد بالأصنام (١).

* * *

(٦٤ - ٦٥) - {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ}.

{فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ}: أي: تفكَّروا في أنفسهم فيما قال لهم راجعين إلى عقولهم.

قوله تعالى: {فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ}: هذا الرجلَ في مسألته، فاتركوا مسألتَه واسألوا آلهتكم فهي حاضرتُكم.

وقال ابن إسحاق: {فَرَجَعُوا} عنه فيما ادَّعوا عليه من كسرهن إلى أنفسهم فيما بينهم (٢) فقالوا: لقد ظلمناه، وما نراه إلا كما قال (٣).

وقيل: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} فلاموها، فقال بعضهم لبعض: {إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} إبراهيمَ حين تزعمون أنه كسرها والفأسُ على عنق الصنم الأكبر، فهو أولى أن يكون كسَرها.


(١) في (ر) و (ف): "لكيد الأصنام".
(٢) في (ر) و (ف): "إلى أنفسهم فلاموها"، والمثبت موافق للفظ الخبر.
(٣) رواه الطبري "تفسيره" (١٦/ ٣٠١).