للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال السدي: فلما أشرف إبراهيم على النار صارت كالإكليل، وأخذت الملائكة بضبعي إبراهيم فأقعدوه على الأرض فإذا عينُ ماءٍ عذبٍ ووردٌ أحمرُ ونرجسٌ (١).

وكان إبراهيم في ذلك الموضع سبعةَ أيام، ولم يقدر أحد أن يقرب من النار، وما شكُّوا في موته واحتراقه، فلما جاؤوا يستطلعون فإذا هو قائم يصلي.

وقيل: بقي فيها (٢) أربعين يومًا.

وقال وَهْبٌ: وجعل اللَّه ما حوله روضةً خضراء، وفرش له ما يشتهي، وألبسه وبنى فوقه قبةً، وجعل بينه وبين النار حجابًا من ثلج، وكانت النار توقَد فوق ذلك وحول ذلك حتى نظر إلى ضوئها أهل الشام، وذاب النحاس الذي سدَّت به الأبواب، واحترق الجدار وصار رمادًا، وخرج منها إبراهيم صحيحًا سالمًا، فانطلق يمشي حتى قعد إلى أمه وهي في مجمع (٣)، وأسلمت سارة يومئذ، وهي أولُ مَن آمن به، وأرسل اللَّه تعالى ريحًا عاصفًا فنسفت رماد تلك النار عن وجه الأرض وذراه في وجوههم وعيونهم، وقام إبراهيم داعيًا إلى اللَّه فقال لأبيه وقومه: {مَا تَعْبُدُونَ}.

وعن عائشة رضي اللَّه عنها: أنها كانت تأمر بقتل الأوزاغ وتقول: إنهن كنَّ ينفُخْنَ على إبراهيم عليه السلام (٤).


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٢٦٢).
(٢) في (أ): "في النار".
(٣) في (ف): "مجتمع".
(٤) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٤٥٣٤) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها مرفوعًا، وله شاهد رواه البخاري (٣٣٥٩) عن أُمِّ شَرِيكٍ رضي اللَّه عنها: أن رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَر بقتلِ الوَزَغِ، وقال: "كان يَنفُخُ على إبراهيم عليه السَّلامُ"، ورواه مسلم (٢٢٣٧) مختصرًا بذكر قتل الأوزاغ.