للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى محمد بن إسحاق عن الزهري: أن رجلًا أدخل ماشيتَه في زرع رجل فأفسدته، والنُّفوش: الرعيُ ليلًا، فارتفعا إلى داود عليه السلام، فقضى بغنم صاحب الغنم لصاحب الزرع، فانصرفا فمرَّا على سليمان، وكان سليمان يومئذ ابنَ إحدى عشرةَ سنة، فقال: بماذا قضَى بينكما نبيُّ اللَّه، فقال: قضى بالغنم لصاحب الزرع، فقال: إن الحُكم غيرُ هذا فانصرِفا معي، فأتى أباه فقال: يا نبيَّ اللَّه، قضيتَ على هذا بغنمه لصاحب الزرع؟ قال: نعم، قال: يا نبيَّ اللَّه، إن الحكم على غير هذا، قال: وكيف يا بني؟ قال: يُدفع الغنم إلى صاحب الزرع فيصيب من ألبانها وسمونها وأصوافها، ويُدفع الزرع إلى صاحب الغنم ليقوم عليه، فإذا عاد الزرع إلى الحالة التي أصابته الغنم عليها رُدَّت الغنم إلى صاحب الغنم ورُدَّ الزرع إلى صاحب الزرع، فقال داود عليه السلام: لا يَقطع اللَّه فهمَك، وقضى بما قضى به سليمان (١).

وقوله تعالى: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}: أي: دخلت فيه ليلًا فرعَتْه وأكلته وأفسدته.

قال الخليل: الإبل النَّوافشُ: التي تتردَّد بالليل في المراعي بلا راعٍ، وهي كالهوامل بالنهار (٢).

وقال قطربٌ: {نَفَشَتْ}: إذا تفرَّقت بلا راعٍ، ومنه: (العِهْن المنفوش)؛ أي: المتفرِّق.

وقوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ}: أي: الحكمِ الذي جرى بين داود وسليمان والقوم {شَاهِدِينَ}: حاضرين عالمين به.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣٢٧)، وروى نحوه عن ابن مسعود وابن عباس وابن زيد وغيرهم.
(٢) انظر: "العين" (٦/ ٢٦٨).