للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المثَلُ لليهود، وذلك أن المسافر ينتظِرُ المطرَ ليَعمُرَ (١) الطرق ويملأَ الحياض (٢) فينتفعَ به هو ودوابُّه، ولا يتوقَّعُ الظلماتِ والرعدَ والبرق، فكذا اليهودُ كانوا ينتظرون خروج نبيِّنا عليه الصلاة والسلام ليهتدوا به ويَقهروا الأعداء (٣)، ولم ينتظِروا نسخَ شريحتِهم والوعيدَ (٤) بالنار لمن كان على دينهم، فالمطرُ: مثالُ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والظلماتُ: نسخُ شريعتهم، والوعدُ: الوعيدُ بالنار، والبرق: محجزات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}: يعاندون في الإنكار مع ظهورِ الحق والآيات (٥) {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} أي: كاد ظهورُ دلائله يَذهب بظُلمة قلوبهم {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أي: المسافرُ لو نظر إلى البرق لأبصر الطريق، ولو غمَّض عينيه خَفِي عليه الطريق، فكذا اليهودُ لو تأمَّلوا في حالى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لاهتدَوا، ولَمَّا أعرضوا بَقُوا في الضلالة.

وقيل: المثلُ لليهود مع التوراة، فالمطر: التوراة، والظلماتُ: متشابِهاتُها، والرعد: الوعيد، والبرق: ذكرُ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ونعتِه وشرفِه {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}: يُعرِضون عن ذكرِه والتأمُّلِ فيه مخافةَ فَوْتِ الرياسة والمأكلة (٦)، يكاد ظهورُ حاله يُزيل كفرَهم، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} أي: ما وافَقَ أهواءهم قَبِلوه وما خالفَها ردُّوا.


(١) في (ر): "ليعرف".
(٢) في (ف): "الحيضان".
(٣) في (ر) و (ف): "أعداءه".
(٤) في (ر): "والوعود".
(٥) في (ر) و (ف): "مع ظهور الآيات".
(٦) في (أ): "ذا المأكلة".