للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه: لو تفكَّروا آمَنوا وسُعدوا، ولكنْ أَعرضوا فهلَكوا وخسِروا، وكما أنَّ اللَّه تعالى قادرٌ على تنوير بصرِ المسافر وإنْ تعامَى، فكذا هو قادرٌ على تنوير قلوبِ اليهود د ان أعرضوا، ولكنْ لم يَشَأْ ذلك، فهو على ما يشاء قدير.

وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه تعالى: المثَلُ لكفارِ عصرِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ألَا ترى أنه قال: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} وكانوا صِنفين:

صنفٌ: أهلُ كتابٍ قد غيَّروه؛ كما قال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} [آل عمران: ١٠٥] وقال: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} [المائدة: ١٩]، ومن أهل الكتاب قوم ابتدَعوا الكتاب، كما قال: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} [آل عمران: ٧٨] فاندرستِ الكتبُ الحقُّ، وصاروا في ظلمةِ الضلالة (١)، وظهر منهم القولُ المختلِف المتناقِض الذي لا تحتمِلُه الحكمةُ.

وصنفٌ: لا ينتحِلون الكتاب ولا يؤمنون بنبيٍّ، بل يعبدون الأوثانَ والأحجار والنيران، ليس لهم مَن يدلُّهم على رشدهم.

فاحتاجوا (٢) إلى مَن يُخرجهم من الضلال إلى الهدى، ومن الفُرقة إلى الائتلاف، فبعث اللَّه إليهم نبيًّا (٣)، وألزمهم (٤) بالآيات ليستنقذَهم به إنْ أطاعوه،


(١) في (ف): "الظلمة" بدل: "ظلمة الضلالة" وفي الهامش كالمثبت.
(٢) في (أ): "رشد فاحتاجوا" وفي (ر) و (ف): "رشدهم احتاجوا". وعبارة "التأويلات": (فأحوج الفريقين جميعًا ما حل بهم من الحيرة والتيه إلى من يشفيهم من داءِ الضلالة بنور الهدى. . .).
(٣) في (ف): "نبينا".
(٤) في (أ): "وأكرم". وفي "التأويلات": (فبعث إليهم عند شدة حاجتهم رسولا، وأكرمهم بما أَراهم من الآيات التي يعلمهم بها أَنه أنعم بها عليهم ليستنقذهم. . .).