للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فكانوا كقومٍ بقُوا في ظلمات الليل والسحابِ متحيِّرين، أو (١) كقومٍ ابتُلوا بشدة الجوع والعطش بالقحط (٢) والجُدوبة، فأغاثهم بالمطر، فتلقَّوا نعمه بالشكر، فنَجَوا بذلك من الهلكة، وذلك مَثَلُ مَن اتَّبعه، ومنهم مَن تلقَّاه بالكفران، وذلك مثَلُ مَن لم يتَّبعه (٣).

فشبَّه نبيَّه بالمطر إذ هو رحمةٌ كالمطر، وشبَّه إيمانَ مَن آمَن به بضوءِ البرق والمشي فيه، وشبَّه عناد المعاندِين بالرَّعد، يكاد نورُ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- وبركتُه تَخْطَفُهم من العذاب مع كفرهم، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ}؛ أي: كلَّما ظهَر لهم نورُه وبركتُه سكَنوا إليه، {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}؛ أي: وإذا رُفع محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- عذِّبوا بأنواع العذاب، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ}؛ أي: لعذَّبهم ومحمدٌ فيهم، إنه قديرٌ على كلِّ شيءٍ.

* * *

(٢١) - {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} قال الزجَّاج: (يا) نداء، و (أيُّ) اسمٌ مبهَمٌ مبنيٌّ على الضم لأنه منادًى مفردٌ معرفةٌ (٤)، و {النَّاسُ} صفةٌ له، و (ها) (٥) تنبيهٌ لازمٌ لـ (أيّ)، وهو عوضٌ عن الإضافة في (أيّ)؛ لأن أصلَ (أيّ) أن يكون مضافًا في الاستفهام.


(١) في (أ): "فتحيروا" بدل من "متحيرين، أو".
(٢) في (ر): "والقحط".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٩٧ - ٣٩٨).
(٤) "معرفة": من (أ).
(٥) في (ر): "والهاء".