للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسُئِلَ جُنَيدٌ -رحِمَه اللَّه- عن اللطيف، فقال: لطَفَ بأوليائه حتى عرَفوه فعبَدوه، ولو لطَفَ بأعدائه كما لطَفَ بأوليائه لَمَا جَحَدوه (١).

وقال ابن المبارك: اللطيف الذي لا تخفى عليه خافيةٌ (٢).

وقال محمد بن علي الكَتَّاني: معنى اللطيف: أنَّ العبد إذا أيِسَ مِن خَلْقِه فلجأَ إليه قَبِلَه وأقبلَ عليه (٣).

وقيل: اللطيف: هو الذي يُعْطِي فوق الكِفاية، ويُكَلِّفُ العبدَ دونَ الطَّاقة.

وقيل: مِن لُطْفِه بالعبد عِلْمُ العبد بأنه لطيف، ولولا لُطْفُه لَمَا عرَفَ أنه لطيف.

وقيل: مِن لُطْفِه إبهامُ عاقبةِ العبد عليه؛ لأنَّه لو علِمَ سعادتَه لاتَّكَلَ عليه وتعطَّل، ولو علِمَ شقاوتَه لترَكَ العملَ وتبَطَّل.

وقيل: مِن لُطْفِه بالعبد خفاءُ أجَلِه عليه، لئلا يستوحِشَ مِن قُرْب أجلِه.

وقيل: مِن لُطْفِه بالعبد أنه يُنسيه في الجنة ما عمِلَه في الدنيا مِن الزَّلَّة؛ لئلَّا يتنغَّصَ عليه عَيْشُه.

* * *

(٢٠) - {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}.

وقولُه تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}: قيل: يتَّصِلُ بقوله: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ}؛ أي: مَن طلَبَ بما رزقناه مِن المال ووسَّعْنا عليه في الحال حَرْثًا


(١) رواه عنه الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٠٨)، وذكره ابن عطية في "تفسيره" (٥/ ٣٢).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٠٨).