للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ الْعُمُومِ لِلْقِيَاسِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْعُمُومَ يَقْتَضِي لَهَا وُجُوبَ النَّفَقَةِ، وَالْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا إِلَّا عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي يَسْتَخْدِمُهَا، أَوْ تَكُونُ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَفِعُ بِهَا ضَرْبًا مِنَ الِانْتِفَاعِ، وَلِذَلِكَ قَالَ قَوْمٌ: عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَأْتِيهِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُحْكَمُ عَلَى مَوْلَى الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ أَنْ تَأْتِيَ زَوْجَهَا فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. وَأَمَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ: فَاتَّفَقُوا أَيْضًا أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْحُرِّ الْحَاضِرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ وَالْغَائِبِ:

فَأَمَّا الْعَبْدُ فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ. وَقَالَ أَبُو الْمُصْعَبِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ.

وَسَبَبُ الْخِلَافِ: مُعَارَضَةُ الْعُمُومِ لِكَوْنِ الْعَبْدِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. وَأَمَّا الْغَائِبُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجِبُ إِلَّا بِإِيجَابِ السُّلْطَانِ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَنِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الْاتفَاقِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجَاتِ الْعَدْلَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ لِمَا ثَبَتَ مِنْ قَسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ» . وَلِمَا ثَبَتَ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ» . وَاخْتَلَفُوا فِي مُقَامِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ، هَلْ يُحْتَسَبُ بِهِ أَوْ لَا يُحْتَسَبُ إِذَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا: يُقِيمُ عِنْدَ الْبِكْرِ سَبْعًا، وَعِنْدَ الثَّيِّبِ ثَلَاثًا، وَلَا يُحْتَسَبُ إِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى بِأَيَّامِ الَّتِي تَزَوَّجَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْإِقَامَةُ عِنْدَهُنَّ سَوَاءٌ بِكْرًا كَانْتَ أَوْ ثَيِّبًا، وَيُحْتَسَبُ بِالْإِقَامَةِ عِنْدَهَا إِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ حَدِيثِ أَنَسٍ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ هُوَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا» ، وَحَدِيثُ «أُمِّ سَلَمَةَ هُوَ: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>