للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ كِرَاءَهَا بِجَمِيعِ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا: أَنَّهُ كِرَاءُ مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، فَجَازَ قِيَاسًا عَلَى إِجَارَةِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ، وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ ضَعَّفُوا أَحَادِيثَ رَافِعٍ. رُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ رَافِعٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: اكْتَرَى رَافِعٌ. قَالُوا: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ مَا يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا سَائِرُهَا قَالَ: «كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلًا، قَالَ: وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ وَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي وَهَذِهِ لَكَ، وَرُبَّمَا أَخْرَجْتَ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُجِزْ كِرَاءَهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا: فَعُمْدَتُهُ النَّظَرُ وَالْأَثَرُ:

أَمَّا الْأَثَرُ: فَمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْمُخَابَرَةِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ خَدِيجٍ، عَنْ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَمْرٍ كَانَ رِفْقًا بِنَا، فَقُلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ حَقٌّ، قَالَ: " دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ؟ قُلْنَا: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبْعِ، وَعَلَى الْأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ، وَالشَّعِيرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا، أَوْ زَارِعُوهَا، أَوْ أَمْسِكُوهَا» . وَهَذَا الْحَدِيثُ اتَّفَقَ عَلَى تَصْحِيحِهِ الْإِمَام الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ كِرَاءَهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا: فَعُمْدَتُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الثَّابِتُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ، وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يُعْمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى نِصْفِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ وَالثَّمَرَةُ» . قَالُوا: وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْلَى مِنْ أَحَادِيثِ رَافِعٍ ; لِأَنَّهَا مُضْطَرِبَةُ الْمُتُونِ، وَإِنْ صَحَّتْ أَحَادِيثُ رَافِعٍ حَمَلْنَاهَا عَلَى الْكَرَاهِيَةِ لَا عَلَى الْحَظْرِ، بِدَلِيلِ مَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَلَكِنْ قَالَ: «إِنْ يَمْنَحْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَكُنْ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا» . قَالُوا: «وَقَدْ قَدِمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ الْيَمَنَ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ يُخَابِرُونَ فَأَقَرَّهُمْ» .

وَأَمَّا إِجَارَةُ الْمُؤَذِّنِ: فَإِنَّ قَوْمًا لَمْ يَرَوْا فِي ذَلِكَ بَأْسًا; وَقَوْمًا كَرِهُوا ذَلِكَ.

وَالَّذِينَ كَرِهُوا ذَلِكَ وَحَرَّمُوهُ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتَّخِذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>