وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الْمَسَافَةِ: فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوبِ، أَوْ بَعْدَ رُكُوبٍ يَسِيرٍ، فَالتَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ رُكُوبٍ كَثِيرٍ، أَوْ بُلُوغِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا رَبُّ الدَّابَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ فِي الْمَسَافَةِ إِنِ انْعَقَدَ، وَكَانَ يُشْبِهُ مَا قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ وَأَشْبَهَ قَوْلَهُ تَحَالَفَا، وَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ عَلَى أَعْظَمِ الْمَسَافَتَيْنِ، فَمَا جُعِلَ مِنْهُ لِلْمَسَافَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا رَبُّ الدَّابَّةِ أُعْطِيَهُ، وَكَذَلِكَ إِنِ انْعَقَدَ وَلَمْ يُشْبِهْ قَوْلَهُ.
وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَاتَّفَقَا عَلَى الْمَسَافَةِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي نَقَدَ أَوْ لَمْ يَنْقُدْ; لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ.
وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا - فِي الْمَسَافَةِ، وَالثَّمَنِ - مِثْلَ أَنْ يَقُولَ والدَّابَّة بِقُرْطُبَةَ: اكْتَرَيَتُ مِنْكَ إِلَى قَرْمُونَةَ بِدِينَارَيْنِ، وَيَقُولُ الْمُكْتَرِي: بَلْ بِدِينَارٍ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ، فَإِنْ كَانَ أَيْضًا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ رُكُوبٍ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي الرُّجُوعِ تَحَالَفَا، وَتَفَاسَخَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ أَوْ بُلُوغِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا رَبُّ الدَّابَّةِ:
فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْقُدِ الْمُكْتَرِي شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّابَّةِ فِي الْمَسَافَةِ، وَالْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فِي الثَّمَنِ، وَيُغَرَّمُ مِنَ الثَّمَنِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ قُرْطُبَةَ إِلَى قَرْمُونَةَ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكِرَاءُ بِهِ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا قَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ غُرِّمَ دِينَارَيْنِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي نَقَدَ الثَّمَنَ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ لِلْمَسَافَةِ الْكُبْرَى، وَأَشْبَهَ قَوْلَ رَبِّ الدَّابَّةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّابَّةِ فِي الْمَسَافَةِ، وَيَبْقَى لَهُ ذَلِكَ الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ; إِذْ هُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي بَعْضِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: بَلْ هُوَ لِي وَزِيَادَةٌ، فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ فِيهِ; لِأَنَّهُ قَبَضَهُ، وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا لَمْ يُقَرِّبْ بِهِ مِنَ الْمَسَافَةِ أَشْبَهَ مَا قَالَ، أَوْ لَمْ يُشْبِهْ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُشْبِهْ قُسِّمَ الْكِرَاءُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَسَافَةِ، فَيَأْخُذُ رَبُّ الدَّابَّةِ مِنْ ذَلِكَ مَا نَابَ الْمَسَافَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ لي فِي هَذَا الْبَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute