للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّعْضِيَةُ: التَّفْرِقَةُ، يَقُولُ: لَا قِسْمَةَ بَيْنَهُمْ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ الرِّبَاعُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ: فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفَةَ الْأَنْوَاعِ:

فَإِذَا كَانَتْ مُتَّفِقَةَ الْأَنْوَاعِ: فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ: فَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَتْ مُتَّفِقَةَ الْأَنْوَاعِ قُسِمَتْ بِالتَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ وَالسُّهْمَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ عَقَارٍ عَلَى حِدَتِهِ.

فَعُمْدَةُ مَالِكٍ: أَنَّهُ أَقَلُّ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَى الشُّرَكَاءِ مِنَ الْقِسْمَةِ.

وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي: أَنَّ كُلَّ عَقَارٍ تُعَيِّنُهُ بِنَفْسِهِ; لِأَنَّهُ تَتَعَلَّقُ بِهِ الشُّفْعَةُ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَنْوَاعُ فِي النَّفَاقِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ مَوَاضِعُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الرِّبَاعُ مُخْتَلِفَةً، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا دُورٌ، وَمِنْهَا حَوَائِطُ، وَمِنْهَا أَرْضٌ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ بِالسُّهْمَةِ. وَمِنْ شَرْطِ قِسْمَةِ الْحَوَائِطِ الْمُثْمِرَةِ أَنْ لَا تُقْسَمَ مَعَ الثَّمَرَةِ إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا بِاتِّفَاقٍ فِي الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ عَلَى رُءُوسِ الثَّمَرِ وَذَلِكَ مُزَابَنَةٌ.

وَأَمَّا قِسْمَتُهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَا يُجِيزُ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِبَارِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَيَعْتَلُّ لِذَلِكَ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مُتَفَاضِلًا، وَلِذَلِكَ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ مَالِكٌ شِرَاءَ الثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يَطِبْ بِالطَّعَامِ، لَا نَسِيئَةً وَلَا نَقْدًا; وَأَمَّا إِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِبَارِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ الثَّمَرِ فِي نَصِيبِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْقِسْمَةِ، وَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي نَصِيبِهِ فَهُمْ فِيهِ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ بَعْدَ الْإِبَارِ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْإِبَارِ، فَكَأَنَّ أَحَدَهُمَا اشْتَرَى حَظَّ صَاحِبِهِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَرَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ بِحَظِّهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لِشَرِيكِهِ وَاشْتَرَطَ الثَّمَرَ.

وَصِفَةُ الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ: أَنْ تُقْسَمَ الْفَرِيضَةُ، وَتُحَقَّقَ، وَتُضْرَبَ إِنْ كَانَ فِي سِهَامِهم كَسْرٌ إِلَى أَنْ تَصِحَّ السِّهَامُ، ثُمَّ يُقَوَّمَ كُلُّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ غِرَاسَاتِهَا، ثُمَّ يَعْدِلَ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ بِالْقِيمَةِ، فَرُبَّمَا عَدَلَ جُزْءٌ مِنْ مَوْضِعِ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى قِيَمِ الْأَرَضِينَ وَمَوَاضِعِهَا، فَإِذَا قُسِمَتْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَعُدِّلَتْ كُتِبَتْ فِي بَطَائِقَ أَسْمَاءِ الْأَشْرَاكِ، وَأَسْمَاءِ الْجِهَاتِ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي جِهَةٍ أَخَذَ مِنْهَا، وَقِيلَ: يُرْمَى بِالْأَسْمَاءِ فِي الْجِهَاتِ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي جِهَةٍ أَخَذَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ ضُوعِفَ لَهُ حَتَّى يَتِمَّ حَظُّهُ، فَهَذِهِ هِيَ حَالُ قُرْعَةِ السَّهْمِ فِي الرِّقَابِ.

وَالسُّهْمَةُ إِنَّمَا جَعَلَهَا الْفُقَهَاءُ فِي الْقِسْمَةِ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِ الْمُتَقَاسِمِينَ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الشَّرْعِ فِي مَوَاضِعَ:

مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٤١] ، وَقَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>