وَاخْتَلَفُوا فِي بَيْعِ كُتُبِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَرَاهِيَةِ بَيْعِ كُتُبِ الْفِقْهِ، أَوْ لَا كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الدُّيُونِ الَّتِي يُحَاصُّ بِهَا مِنَ الدُّيُونِ الَّتِي لَا يُحَاصُّ بِهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ: فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ أَوَّلًا إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً عَنْ عِوَضٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ.
فَأَمَّا الْوَاجِبَةُ عَنْ عِوَضٍ: فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ إِلَى عِوَضٍ مَقْبُوضٍ، وَإِلَى عِوَضٍ غَيْرِ مَقْبُوضٍ: فَأَمَّا مَا كَانَتْ عَنْ عِوَضٍ مَقْبُوضٍ، وَسَوَاءٌ أكَانَتْ مَالًا، أَوْ أَرْشَ جِنَايَةٍ: فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مُحَاصَّةَ الْغُرَمَاءِ بِهَا وَاجِبَةٌ.
وَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ عِوَضٍ غَيْرِ مَقْبُوضٍ: فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يُمْكِنَهُ دَفْعُ الْعِوَضِ بِحَالٍ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ لِمَا يَأْتِي مِنَ الْمُدَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُمْكِنَهُ دَفْعُ الْعِوَضِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُهُ دَفْعُ مَا يُسْتَوْفَى فِيهِ، مِثْلُ أَنْ يَكْتَرِيَ الرَّجُلُ الدَّارَ بِالنَّقْدِ، أَوْ يَكُونَ الْعُرْفُ فِيهِ النَّقْدَ، فَفَلَّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ، أَوْ بَعْدَ مَا سَكَنَ بَعْضَ السُّكْنَى، وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الْكِرَاءَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ دَفْعُ الْعِوَضِ يُمْكِنُهُ وَيَلْزَمُهُ، كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إِذَا أَفْلَسَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يُمْكِنَهُ دَفْعُ الْعِوَضِ وَلَا يَلْزَمَهُ، مِثْلُ السِّلْعَةِ إِذَا بَاعَهَا فَفَلَّسَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ الْبَائِعُ.
وَالْخَامِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ إِلَيْهِ تَعْجِيلُ دَفْعِ الْعِوَضِ، مِثْلُ أَنْ يُسْلِمَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ دَنَانِيرَ فِي عُرُوضٍ إِلَى أَجَلٍ فَيُفْلِسَ الْمُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ رَأْسَ الْمَالِ، وَقَبْلَ أَنْ يَحُلَّ أَجْلُ السَّلَمِ.
١ - فَأَمَّا الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ بِحَالٍ فَلَا مُحَاصَّةَ فِي ذَلِكَ إِلَّا فِي مُهُورِ الزَّوْجَاتِ إِذَا أفلسَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ.
٢ - وَأَمَّا الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ وَيُمْكِنُهُ دَفْعُ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، مِثْلُ الْمُكْتَرِي يُفْلِسُ قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ: فَقِيلَ: لِلْمُكْرِي الْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِسْلَامُ الدَّارِ لِلْغُرَمَاءِ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْمُحَاصَّةُ بِمَا سَكَنَ وَيَأْخُذُ دَارَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْكُنْ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَخْذُ دَارِهِ.