لَمْ تُذْكَرْ فِي أَسْنَانٍ فِيهَا. وَقِيَاسُ مَنْ أَخَذَ بِحَدِيثِ التَّخْمِيسِ فِي الْخَطَأِ، وَحَدِيثِ التَّرْبِيعِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ إِنْ ثَبَتَ هَذَا.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ بِالتَّثْلِيثِ، كَمَا قَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّثْلِيثِ شَبَّهَ الْعَمْدَ بِمَا دُونَهُ. فَهَذَا هُوَ مَشْهُورُ أَقَاوِيلِهِمْ فِي الدِّيَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ مَالِكٌ: عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ: لَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ إِلَّا قِيمَةُ الْإِبِلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.
وَقَوْلُهُ بِالْعِرَاقِ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ. وَعُمْدَةُ مَالِكٍ تَقْوِيمُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَعُمْدَةُ الْحَنَفِيَّةِ مَا رَوَوْا أَيْضًا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَوَّمَ الدِّينَارَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى تَقْوِيمِ الْمِثْقَالِ بِهَا فِي الزَّكَاةِ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَصْلَ فِي الدِّيَةِ إِنَّمَا هُوَ مِائَةُ بَعِيرٍ، وَعُمَرُ إِنَّمَا جَعَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ، وَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قِيمَةَ الْإِبِلِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فِي زَمَانِهِ، وَالْحُجَّةُ لَهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَتِ الدِّيَاتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانَمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ، فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاةِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ. وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْ فِيهَا شَيْئًا» .
وَاحْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ لِمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَقْوِيمُ عُمَرَ بَدَلًا لَكَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ؛ لِإِجْمَاعِهِمْ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ مُؤَجَّلَةٌ لِثَلَاثِ سِنِينَ. وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنَ الْإِبِلِ أَوِ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ الْمَدَنِيُّونَ: يُوضَعُ عَلَى أَهْلِ الشَّاةِ أَلْفَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute