شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبُرُودِ مِائَتَا حُلَّةٍ. وَعُمْدَتُهُمْ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الْمُتَقَدِّمِ. وَمَا أَسْنَدَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ الدِّيَةَ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا كَانَتْ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةُ بَعِيرٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاةِ أَلْفَا شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبُرُودِ مِائَتَا حُلَّةٍ» . وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْأَجْنَادِ أَنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةَ بَعِيرٍ.
قَالَ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَهُ مِنَ الْأَعْرَابِ فَدِيَتُهُ مِنَ الْإِبِلِ، لَا يُكَلَّفُ الْأَعْرَابِيُّ الذَّهَبَ وَلَا الْوَرِقَ. فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْأَعْرَابِيُّ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ فَعَدْلُهَا مِنَ الشَّاةِ أَلْفَ شَاةٍ. وَلِأَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَيْضًا رَوَوْا عَنْ عُمَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَصًّا.
وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ تُقَوَّمَ بِالشَّاةِ وَالْبَقَرِ لَجَازَ أَنْ تُقَوَّمَ بِالطَّعَامِ عَلَى أَهْلِ الطَّعَامِ، وَبِالْخَيْلِ عَلَى أَهْلِ الْخَيْلِ، وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ.
وَالنَّظَرُ فِي الدِّيَةِ كَمَا قُلْتُ هُوَ فِي نَوْعِهَا، وَفِي مِقْدَارِهَا، وَعَلَى مَنْ تَجِبُ، وَفِيمَا تَجِبُ، وَمَتَى تَجِبُ؟ أَمَّا نَوْعُهَا وَمِقْدَارُهَا فَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِيهِ فِي الذُّكُورِ الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَأَنَّهُ حُكْمٌ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَمِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لِأَبِي رَمْثَةَ وَوَلَدِهِ: «لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ» .
وَأَمَّا دِيَةُ الْعَمْدِ فَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا اعْتِرَافًا، وَلَا صُلْحًا فِي عَمْدٍ ".
وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ مَنْ أَصَابَ نَفْسَهُ خَطَأً، وَشَذَّ الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ: مَنْ ذَهَبَ يَضْرِبُ الْعَدُوَّ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ - فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي قَطْعِ الْأَعْضَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا فَقَأَ عَيْنَ نَفْسِهِ خَطَأً، فَقَضَى لَهُ عُمَرُ بِدِيَتِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَفِي الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي دِيَةِ مَا جَنَاهُ الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ عَلَى مَنْ تَجِبُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ: إِنَّهُ كُلُّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَمْدُ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَرَدُّدُ فِعْلِ الصَّبِيِّ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْمُخْطِئِ؛ فَمَنْ غَلَّبَ عَلَيْهِ شِبْهَ الْعَمْدِ أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ، وَمَنْ غَلَّبَ عَلَيْهِ شِبْهَ الْخَطَأِ أَوْجَبَهَا عَلَى